
نجيب عبدالسلام: “العادلى” لعب أثناء ثورة يناير دور المشير فى النكسة
الوطن
كتب: حاتم ابوالنور
قال اللواء نجيب عبدالسلام قائد الحرس الجمهورى السابق، فى الفترة من عام 2009، حتى أغسطس 2012، إن اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق فى فترة ثورة 25 يناير 2011، كان مثل المشير عبدالحكيم عامر وزير الحربية فى نكسة 67، موضحاً أن العادلى كان يقول للرئيس الأسبق حسنى مبارك بـ«رقبتى يا ريس» لحد ما غرق البلد والريس. وأوضح اللواء «عبدالسلام» فى ندوة «الوطن»، أن المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع الأسبق واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق، كانا يرفضان مبدأ التوريث الذى كان يروج له كل من أحمد عز وزكريا عزمى وفتحى سرور وصفوت الشريف، وأن سوزان مبارك كانت تؤيد فكرة التوريث، لكن عندما قامت ثورة يناير لم يتردد «مبارك» فى قبول التنحى. وفى مقارنة بين «مبارك» و«مرسى»، قال اللواء «عبدالسلام» إن «مبارك» كان رجل دولة، ولكن «مرسى» لم يكن رجل دولة إطلاقاً، وهو الرد الذى أصابنى بالصدمة، موضحاً أن الإخوان عزلوه من قيادة الحرس الجمهورى، عندما تأكدوا أنه ليس معهم. وأكد اللواء عبدالسلام أنه لو كان موجوداً أثناء ثورة 30 يونيو ما تردد فى اتخاذ نفس القرار الذى اتخذه اللواء محمد زكى قائد الحرس الجمهورى، وانحاز للشعب مثلما فعل فى ثورة يناير، المزيد من الأسرار والتفاصيل فى سطور الندوة، التى كشف خلالها الكثير من الأسرار عن فترة مبارك والرئيس المعزول محمد مرسى، الذى عمل معه أكثر من شهرين. ■ بداية كيف تقرأ المشهد الحالى فى مصر والمنطقة العربية؟ وما رؤيتك للمستقبل؟ – يجب أن نكون متفائلين بالمستقبل، فعلى الرغم من وجود عقبات وصعوبات وعراقيل يضعها الغرب لنا، وبعض الدول التى لها مصالح فى الشرق الأوسط، فإننا فى مصر قادرون على تخطى ذلك، فعقدنا قمة عربية قوية فى شرم الشيخ، ومؤتمراً اقتصادياً كبيراً وناجحاً جداً، شهد حضوراً اقتصادياً ضخماً على المستويين العالمى والعربى، خصوصاً الخليجى، والرئيس عبدالفتاح السيسى أكد أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، ونحن ندخل على أعتاب نهضة اقتصادية كبيرة جداً، والدول بوجه عام، يجرى الحكم عليها بأمرين، هما القوة الاقتصادية والعسكرية، ولابد من وجود القوتين للتحكم فى العالم، ومن التحديات الحالية الإرهاب، وأنا أعلم تماماً ويجب أن يعلم الجميع أن الإرهاب لا ينتصر على دولة، لاسيما مصر، لأن هناك أسساً كبيرة جداً تجعل مصر دولة عظيمة، خصوصاً لو شحذنا الهمم وبدأنا طريق الكفاح، فحتماً سنصل لدولة عظيمة فى مصاف الدول المتقدمة، وأنا دائماً أرفض الكلام عن أننا فى المؤخرة، أو فى «السبنسة»، ولدى حالة من الاطمئنان الاقتصادى. ■ كنت قائداً للحرس الجمهورى فى فترة هى الأخطر بتاريخ مصر، هل كنت مسئولاً عن تأمين الرئيس أم تأمين النظام الجمهورى؟ – المهمة الرئيسية لقائد الحرس الجمهورى كانت معلومة للجميع، وهى حماية الشرعية الدستورية للدولة المتمثلة فى رئيس الدولة وأسرته بالتأكيد، فتلك هى المهمة الرئيسية التى نص عليها الدستور، فالحرس الجمهورى هو وحدة من وحدات القوات المسلحة، لكن له مهمة خاصة، لذلك كل الأوامر التى يتلقاها الحرس تصدر من رئيس الدولة فى الأيام العادية، كيفما يشاء وطبقاً لوجهة نظره، ووفقاً لقرار قائد الحرس الجمهورى بعد التصديق من رئيس الجمهورية لحماية الشرعية الدستورية والمنشآت المهمة المتمثلة فى القصور الرئاسية، كقصر عابدين، وقصر الطاهرة، وغيرهما، والحمد لله استطاع الحرس الجمهورى الحفاظ عليها تماماً. ■ كيف كانت طبيعة علاقتك بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وهل كانت علاقة مباشرة ويومية؟ وما شهادتك عن السنوات الأخيرة فى حكمه؟ – كنت يومياً أرى رئيس الجمهورية بطبيعة عملى، فكنت أعرض عليه «البوسطة» وكل ما يتعلق بالشئون العسكرية، كالداخلية، والمخابرات، وخلافه، فكان هناك لقاء يومى حال وجودى بقصر الاتحادية، وهناك متابعة يومية معه لأن قائد الحرس الجمهورى كان مسئولاً عن تأمين الرئيس وأسرته، كما كنت أرى الرئيس حال حضوره لأحد مبانى الحرس الجمهورى، وكان يقول دائماً «قائد الحرس الجمهورى مسلمه نفسى لأنه كان مسئول عن تأمينى وكافة أفراد أسرتى، فهو رجل موثوق فيه». ■ هل كان يكشف عن معلومات خاصة بالدولة فى أثناء وجودكم معه؟ – موضوعات النقاش تكون من الناحية العسكرية، وإذا كانت هناك سفريات داخلية أو خارجية أو عمليات تطوير لدى القوات المسلحة، أو تقارير أمنية للمخابرات العامة فكنت أُلخص بعضها، وكنت أعرض عليه خطة التأمين، لكن فى الفترة الأخيرة كان «مبارك» زاهداً فى كل شىء بعد وفاة حفيده، وبعد مرضه وسفره لألمانيا وبقائه هناك فترة طويلة، وطبعاً كنا نتمنى أن يأخذ قراره فى هذا الوقت، ويعلن عدم ترشحه مجدداً للرئاسة، وكانت هناك بعض المواقف المهمة التى مر بها، منها زيارته لمجلس الشعب الذى أغشى عليه خلال إلقائه كلمته ولم أكن حاضراً، لكن حضرت وفاة حفيده ورأيت تأثير الصدمة عليه، وطوال تلك الفترة كان متأثراً نفسياً وعاطفياً، لكن كانت الدولة تدار ولم تكن هناك مؤتمرات كبرى، وبعدها سفره إلى ألمانيا ومكث هناك فترة طويلة، كنت فى مصر لأن عمل الحرس الجمهورى فى حال عدم وجود رئيس الجمهورية هو حماية الشرعية الدستورية، أما فى ألمانيا فكان هناك الحرس الخاص بالتأمين، فمهمتنا كانت تأمين القصور والاستراحات الخاصة بالرئاسة. ■ فى أثناء وجودك بالرئاسة، هل كان هناك دلالات على الاتجاه للتوريث؟ – نعلم جميعاً أن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وكان رئيساً لجهاز المخابرات العامة وقتها، والمشير حسين طنطاوى، رفضا مبدأ التوريث، وكانت هناك تلميحات حول هذا الموضوع فى «الاتحادية»، حيث وُجد اتجاه فكرى لذلك، إلا أن «سليمان» و«طنطاوى» رفضا بشدة، وأصرا على وجود شعب ودولة، يجب أن يختارا الرئيس المقبل، فيما كان كل من أحمد عز، وزكريا عزمى، وفتحى سرور، وصفوت الشريف، وراء فكرة التوريث.[FirstQuote] ■ هل كان سليمان وطنطاوى يرفضان تلك الشخصيات؟ – كان اختلافاً فى الرأى، وكانت تلك المجموعة ترغب فى وجود المشير طنطاوى، أو اللواء عمر سليمان معهم على نفس الخط، وكانوا يبذلون أقصى جهدهم لإقناعهما بفكرة التوريث، لمصالح شخصية، فانتخابات مجلس الشعب الأخيرة، فى عهد «مبارك»، كانت القشة التى قصمت ظهر البعير، فقلت للرئيس إن هذا الأمر تسبب فى مشكلة كبيرة جداً وفى الكواليس قلنا لـ«مبارك» يجب تغيير فتحى سرور، واختيار وجه جديد لرئاسة البرلمان، فرفض ذلك، وغضب، لذلك شعرت بأنها بداية النهاية، وأنا كضابط قوات مسلحة لم أرغب فى أن تسير الأمور على هذا النحو، وكان هناك اجتماعات أخرى بين صفوت الشريف وأحمد عز وزكريا عزمى وفتحى سرور، بخصوص التوريث، من أجل مصالح شخصية ربطتهم معاً، وهناك أمور أخرى لا داعى لذكرها. ■ ماذا عن محاولات ضم المشير و«سليمان» لمجموعة «التوريث»؟ – انتهت تلك المحاولات بالفشل، فمصر دولة كبيرة تحتاج لرئيس قوى، وله صفات معينة منها التاريخ العسكرى. ■ وهل تحركات جمال مبارك، وأفعاله كانت تشير إلى أنه سيكون الرئيس المقبل؟ – صحيح، فالاتجاه العام، كان مع تولى «جمال» مقاليد الدولة، وكان هناك دور للمجموعة المحيطة، والتى كانت تساعده وتدفع به فى هذا الاتجاه. ■ هل كانت السيدة سوزان مبارك قوية ومؤثرة فى الرئاسة؟ – سوزان شخصية قوية، وكانت ضمن المجموعة التى تسير وراء «التوريث»، من أجل الحفاظ على أسرتها والنظام الذى عاشوا فيه، ولكنها كانت تلعب هذا الدور من «خلف الستار». ■ هل تعامل «مبارك» مع 25 يناير والأيام السابقة عليها بشكل جاد أم لا؟ – كنا نتابع الأحداث فى تونس، وتصرف زين العابدين بن على، الرئيس التونسى، معها، و«مبارك» كان لا يرغب فى أن يفعل كما فعل «بن على» ويهرب للخارج، وهو أمر يُحسب لمبارك، لأن ما فعله «بن على» أضعف موقفه، ولا يصدر عن رئيس، وحتى عندما طُلب من مبارك التنحى، لم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى تلك الدرجة، وبشكل عام فإن ثورة 25 يناير «بتاعت ربنا»، وكان من الممكن أن تنتهى بين عشية أو ضحاها، لكننا انحزنا للشعب، وكنت أول المنحازين، رغم أننى الكفة التى يستند عليها «مبارك» وعندها أحس بالخطر بعد مؤتمر شرم الشيخ، وكان فى استراحة المطار وشاهدنا فى تلك اللحظات «الترزى» الذى أحرق نفسه أمام مجلس الوزراء، كما حدث مع «بوعزيزى» فى تونس، وكانت تلك بداية القلق، وكل رؤساء الدول خلال قمة شرم الشيخ، كانوا يقولون إننا لسنا مثل تونس، فسبحان الله كان الغباء مسيطراً وقتها، لكن عندما أحرق «الترزى» نفسه، كان أول من شعر بالقلق زكريا عزمى، وكنا وقتها فى الاستراحة ومعنا عمر سليمان، وأنس الفقى، وزير الإعلام وقتها، فلقينا الدكتور زكريا، قائلاً: «ممكن يحدث سيناريو تونس فى مصر، وتحدث ثورة، وهناك قلق فى الشارع»، فلم أتحدث، وكذلك «سليمان»، فسألنا «عزمى»: يا جماعة أنا هسأل رئيس المخابرات لو حدث ده فى مصر ماذا سيكون موقفك؟ فلم يتحدث عمر سليمان، الذى كان حاضراً، ولم نتوقع أن يسأل «زكريا» هذا السؤال، ثم وجه لى سؤالاً: لو الناس ثاروا هل ستضربهم بالنار، فقلت: لا، فسكت. وأنا عن نفسى، يستحيل أن آمر بضرب النار، وفى الفترة الأخيرة، من خلال وجودى مع الرئيس، كنت أشعر بأنه يرغب فى الرحيل، قبل الثورة بنحو 8 شهور. ■ ومن المتسبب فى عدم التغيير؟ – أعتقد أن حبيب العادلى، وزير الداخلية، كان يلعب دور المشير عبدالحكيم عامر، فى نكسة 1967، حيث كان يحاول طمأنة «مبارك»، ودائماً ما يقول له «برقبتى يا ريس»، إلى أن أغرق البلد و«مبارك»، تماماً كما حدث فى نكسة 67، فـ«العادلى» كان «مفهم» رئيس الدولة وأجهزة الرئاسة، أن أية مظاهرة لن تؤدى لشىء، وأنه من المستحيل أن يحدث انقلاب على الحكم، وأكد لهم أنه قادر على «نحر» أية مظاهرات فى مصر، ورئيس الدولة سلم له أمر المظاهرات، إلا أن عالم الإنترنت و«فيس بوك» لعب دوراً كبيراً جداً ورئيسياً فى اندلاع ثورة 25 يناير، التى نزل فيها الشعب بشكل غير مسبوق، ولم تكن تجمعات صغيرة، وفى 25 يناير فقدنا السيطرة على كل شىء، لكن فى 28 يناير بعد صلاة الجمعة اتصل بى «مبارك»، وقال لى شوف الراجل المخبول «حبيب العادلى» بيقول إيه: مبنى الإذاعة والتليفزيون فى يد الإرهابيين، وأمرنى أن أتحرك لتأمينه، وفعلاً قبضنا على 33 شخصاً، وعندما وصلنا كان الحزب الوطنى قد حُرق، وكانت هناك مساع لإحراق مبنى الإذاعة والتليفزيون، الذى يعمل فيه نحو 50 ألف فرد، إلا أننا وصلنا فى وقت قياسى، وكان أنس الفقى موجوداً، وقبل التحرك اتصلت بـ«العادلى» وكانت آخر مكالمة معه، وطلبت منه فتح طريق النيل، لكنه لم يتمكن من الاتصال بمدير الأمن وكان الطريق مزدحماً، لكننا وصلنا وسيطرنا على مبنى ماسبيرو، وفرضنا كردوناً أمنياً، وأعطينا «تمام» لرئيس الدولة.[SecondQuote] ■ وماذا كان يقول مبارك عن حبيب العادلى فى هذا التوقيت؟ – الحقيقة كان يقول عليه رجل «مخبول»، وفقد الثقة فيه بعد تلك الأحداث، فالعادلى كان سبب انهيار النظام والحمد لله على انهيار النظام، لأنه كان مطلوباً لمصر التغيير والصعود على أعتاب جديدة، والآن نرى هناك تطويراً للدولة. ■ هل تحدث مبارك عن فكرة الرحيل قبل 11 فبراير؟ – أكيد تحدث مع ناس، لكن كانت هناك حدة فى الشارع، وكنا نعمل وفقاً للموقف، وأتذكر عندما سقطت وزارة الداخلية، أمّنت كل المنشآت الحيوية، وأسعد يوم لنا، كان عندما سيطرنا على مبنى الإذاعة والتليفزيون، لأن انهياره كان يعنى انهيار الدولة، فكان هناك جواسيس كثيرون بالدولة، وناس من غزة، ولم تكن هناك سيطرة على المداخل، والاستغاثات كانت كثيرة. ■ ما حقيقة محاولة اغتيال اللواء عمر سليمان؟ – أكبر مأساة إننا نشوف بلدنا منهارة، وكان لدينا هدف هو أن نحافظ على بلدنا وشعبنا كالقوات المسلحة والحرس الجمهورى، وألا نقف ضد هدف الشعب، وكان أمامنا أمران، إما أن نكون مع مبارك أو عليه، فقلنا: «نبقى عليه»، وعرفت ساعتها أن رقبتى «طايرة» فى كلتا الحالتين، بمعنى أننى لو وقفت مع النظام والشعب نجح، أو العكس الموضوع خلاص، لكن وفقنى الله، وأخذت القرار بالوقوف مع الشعب، وأعطينا إيحاءً لمبارك بألا يأخذ قراراً بخصوص تدخل عسكرى، لأنه لو أخذ قراراً مثل هذا، فلن نقف معه، فهدفنا حماية مصر ونحن أبناؤها، وضرب شعب لا يريدك هو غباء، و«مبارك» فهم الرسالة تماماً وسارت الأمور فى اتجاه الحفاظ على الدولة. ■ لم ترد على السؤال: هل حدثت محاولة لاغتيال سليمان؟ – يوم أن عُرض على المشير طنطاوى، منصب نائب رئيس الجمهورية رفض، لأنه كان لازماً وجود قوة عسكرية متماسكة للوصول لبر الأمان، وعندما عُرض على اللواء عمر سليمان قبل، لأنها مهمة وطنية يجب قبولها من وجهة نظره، لأن الموجود على الساحة والمقبول هو والمشير طنطاوى، فقبل وأقسم، وفى اليوم الثانى صباحاً حضر بسيارته غير المدرعة وحراسته، وقلت للرئيس إن واجبات الحرس الجمهورى تأمين نائب رئيس الجمهورية، فوافق مبارك مباشرةً، وتم تشكيل مجموعة للتأمين وعربات مدرعة، وعندما خرج «سليمان» إلى مقر جهاز المخابرات لإحضار متعلقاته، قلت له: يا فندم هناك تأمين لكم، فقال: لما آجى: فقلت له لا، فسبحان الله صمت، وخرج الموكب وحدث ما حدث، فتم تدمير سيارة المخابرات التى خرج بها ومات السائق، وكانت الوقت مظلماً، وضُرب عليه النار فى منزَل الكوبرى، فتعامل معهم الحرس الجمهورى، وطالبت الرئيس بإرسال عربية مدرعة لإنقاذ السائق، فقال لى: «خلّوا بالكم المكان ما نعرفش فيه إيه دلوقت»، وبالفعل أخذنا السائق والحراسة للمستشفى، لكنها لم تكن محاولة اغتيال، وكان الهدف منها إحداث «ربكة» فى الشارع، ومَن هاجم العربية كانوا من 3 إلى 12 فرداً، لكن الموضوع لم يكن له تأثير على أمن الدولة، ولم تكن هناك أيادٍ خارجية وراءه.[ThirdQuote] ■ كيف استقبل مبارك ثورة 25 يناير؟ – كان فى حالة ذهول، ولم يتوقع أن يحدث ذلك، وكنت أتكلم معه فى المعتاد مرة كل يوم، لكن فى هذا اليوم تحدثنا أكثر من 12 مرة، وبدأت الداخلية تنهار فى 28 يناير، وكان مبارك غير مصدق للأحداث، فأحس بأنها بداية النهاية، وكل يوم يتأكد لديه هذا المؤشر، وهو قرأ الأحداث جيداً ولم يرغب فى أن يهرب. ■ ماذا عن كواليس خطاب التنحى؟ – اللواء عمر سليمان كان له دور معى فى محاولات تهدئة الأمور، والمجلس العسكرى كان منعقداً بصفة مستمرة وأنا كنت دائماً من ضمن الموجودين، ونحن اعتدنا أن نأخذ القرار الصحيح، وحسنى مبارك رفض ترك مصر، رغم اقتراب المتظاهرين من قصر الاتحادية، وكان يعرف أنه سيتنحى، وانتهى الأمر على ذلك، وأنا أول من طلبت منه مغادرة القصر الجمهورى نظراً لخطورة الأوضاع، وعندما شعرت بأن «مبارك» حزين، لأنه لا يريد مغادرة مصر اتصلت بالمشير طنطاوى وطلبت منه المساعدة فى مغادرته خارج القصر الجمهورى، لأن الناس لم تكن تريد الرحيل عن القصر، وبيان تنحى مبارك، كُتب فى مكتب قائد الحرس الجمهورى، بعد أن تم اتخاذ القرار فى 11 فبراير 10 صباحاً، إلا أننى طلبت استخدام عبارة: «التخلى عن السلطة»، وليس «التنحى» فى الخطاب، لأنها كانت أشمل وأقوى، واتصلنا بالرئيس مبارك ووافق دون أى مشاكل، وقال مفيش مشكلة. ■ هل صحيح أن مبارك تنحى قبل يوم 11 فبراير؟ ومع من كنت تقف؟ – لم يتنح مبارك قبل 11 فبراير، فهو قرر فى خطابه الأخير التأكيد على أنه سيعيش ويموت فى مصر ولن يترك مصر مهما كان، ومبارك لم يتردد لحظة واحدة فى التنحى، ووقع على بيان التخلى عن السلطة، أما عنى كقائد الحرس الجمهورى، فمهمتى هى الدفاع عن أرض الوطن والحفاظ على مؤسسات الدولة، لكننا دائماً ننحاز للشعب، فالحرس الجمهورى كان مسئولاً عن تأمين كافة الوزراء فى 25 يناير لأن الشرطة انهارت، وكان يحافظ على كيان الدولة وصورتها، واللواء عمر سليمان كان يتابع الأحداث أولاً بأول، وكان الجميع من مكتبى يتابع كافة الأحداث بمن فيهم وزير الداخلية، اللواء محمود وجدى، واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، للوقوف على تطورات الأوضاع. ■ ماذا عن دور الفريق سامى عنان؟ – مهمة رئيس أركان القوات المسلحة هو رفع الكفاءة القتالية لكافة أفراد القوات المسلحة من الناحية الفنية، ووزير الدفاع هو المسئول عن الشق السياسى وليس رئيس الأركان، ولكن كان المسئول عن التحركات على الأرض وتأمين المنشآت وقتها هو رئيس الأركان الفريق سامى عنان، ولم يظهر فى الرئاسة. ■ كيف كان التعامل مع رموز نظام الرئيس الأسبق مبارك فى الفترة الأخيرة، وماذا حدث للمستندات والوثائق الهامة؟ – تولينا تأمين كل شىء، فحتى زكريا عزمى، كان يتم تفتيش الشنطة والسيارة الخاصة به، فالحرس الجمهورى بفضل الله، أمن كل شىء وكان رجالنا فى قصر عابدين، مقر الديوان يؤمّنونه على أعلى مستوى، وكانت هناك تعليمات بمنع خروج أية أوراق هامة، بالإضافة إلى أن كافة الأوراق الهامة نُقلت إلى جهات سيادية وأمنية، فرحيل مبارك كان مسألة وقت ليس أكثر، وكان هو نفسه يدرى أنه «ماشى ماشى»، وكل شخص فى محيطه كان يعرف أن له دوراً وسينتهى. ■ ما دور سكرتير الرئيس مبارك؟ – سكرتير الرئيس مبارك لم تكن معه سوى أوراق إدارية فقط، ولا يوجد شىء مهم. ■ هل تم قطع اتصالات الهواتف الخاصة برئيس الجمهورية؟ – قطعنا كل الاتصالات عن الهواتف الخاصة بالرئيس وأسرته بالفعل عقب تنحيه مباشرة، ولكن تركنا هواتف العاملين. ■ هل أعطى مبارك أى تعليمات بالتعامل بالرصاص الحى خلال فترة الـ18 يوماً قبل التنحى؟ – لا لم يعط أية تعليمات بإطلاق النار، وأنا حضرت كافة الاجتماعات، ولم يطلب فيها مبارك إطلاق الرصاص على المتظاهرين، ولو كان حصل كنت أول من يعرف بذلك. ■ ماذا عن محمد مرسى؟ – مبارك كان رجل دولة، لكن «مرسى» لم يكن رجل دولة إطلاقاً، خصوصاً أن قراره لم يكن ملكه، فالإخوان ضحكوا على الشعب بمشروع النهضة، وأنا سألت مرسى بعد اختياره رئيساً للجمهورية بأسبوع عن مشروع النهضة، فقال لى: إنت راجل طيب قوى، «وزعلت» جداً لأنه لم يكن هناك مشروع، وصُدمت من الرد، فالمفروض بعد الثورة الأولى أن أى شخص يحكم البلد يخاف من الشعب، ويعمل من أجله وللنهوض بالدولة. ■ ماذا فعلت بعد ظهور نتيجة الرئاسة وإعلان فوز «مرسى»؟ – كان الإخوان معتمدين علىّ اعتماداً كلياً فى البداية، لأننى من استلمت «مرسى» من بيته، وأطلعته على التفاصيل الصغيرة والكبيرة، فأنا كنت مع مرسى قبل 4 أيام من تسلمه الرئاسة رسمياً، وأطلعته على كل شىء وكان هناك نوع من التسرع فى تولى زمام الأمور من قبل الإخوان، وكان أسعد الشيخة، رئيس الديوان الفعلى، وأرى أن هذا الرجل يجب أن يُعدم، وبشكل عام، فإن كل تحركات وتصرفات الإخوان تؤكد أنه لا علاقة لهم بالشعب، ومرسى كان له أكثر من مكان للإقامة فى التجمع، والزقازيق، وعائلته كانت تخطط للإقامة فى فيلا السلام أمام قصر الاتحادية، والقرضاوى صلى بنا فى قصر «الاتحادية» من قبل، وللأسف مع تولى الإخوان المسئولية والحكم، حادت مصر عن المسار الصحيح. ■ هل أمرك مرسى بفض مظاهرات أمام قصر الاتحادية خلال وجودك على رأس الحرس الجمهورى؟ – بالفعل طلب منى، لكنى رفضت، وكذلك طلب أسعد الشيخة، فكان ردى واضحاً أننا لا نتعامل ضد الشعب، وأن الطلب مرفوض، وكانت لـ«مرسى» طلبات كثيرة، كما كان يظن نفسه «لاعب كورة»، عايز «يجرى» فى كل حتة، وكأن الأمور سهلة وبسيطة، ولا تحتاج ترتيبات، بينما الموضوع فى غاية الصعوبة. ■ ظهر مرسى فى إحدى الصور وهو يصلى وحوله دائرة من الحراس، هل كان هذا طبيعياً؟ – الطبيعى أن رئيس الدولة يتم فصله أثناء وجود الجمهور وفقاً للقواعد التأمينية. ■ هل كان هناك تعامل مباشر بينك ومرسى؟ – جلست معه أكثر من مرة وأوضحت له الكثير من تفاصيل العمل داخل مؤسسة الرئاسة. ■ هل صحيح أن الحرس الجمهورى توجه إلى منزل شفيق، وأنه كان الفائز فى الانتخابات؟ – أقسم بالله غير صحيح، أنا شكلت مجموعتين من الضباط والجنود بقيادة عميد، لاستطلاع طريق التحرك لبيت مرسى والمجموعة الأخرى لبيت شفيق، ومن يجرى إعلانه رئيساً للجمهورية ستتوجه له القوات مباشرة، وهذا ما حدث بالضبط، وما تردد فى هذا الشأن محاولة لخلط الأوراق، وأؤكد أنه لم يتوجه أحد لمنزل شفيق. ■ كيف ترى حادثة رفح الأولى، وهل كانت مدبرة لإقالة قيادات الجيش والحرس الجمهورى؟ – لا دخل للحرس الجمهورى بذلك، فهذا اختصاص جهات أخرى، لكن عندما تكون رغبة فى إقالة قائد حرس جمهورى، «بيمسكوا له غلطة»، لكن لا يقال لماذا أقيل، وهذا الأمر متبع منذ زمن، وما حدث معى أننى بدأت أفكر فى طرح رؤيتى للبلاد، فوقع تصادم فى الأفكار، وتصادم كبير مع أسعد الشيخة الذى كان يتدخل فى شئون الدولة، ويدير كافة الأمور، بما فيها الوظائف. ■ ماذا كان دور أسعد الشيخة تحديداً؟ – دوره كان «جوكر» يفعل كل شىء، ويحضر كافة الاجتماعات فى كل مكان، وكان من الممنوع إغلاق الأبواب، فيما كان يُصر هو على ذلك، ويدعو لاجتماعات فردية داخل الرئاسة. ■ هل تم إخبارك بقرار إقالتك قبلها؟ – قابلت ياسر على، المتحدث باسم الرئاسة، وكان معه القرار فى يده قبل إعلانه، وأنا جلست مع مرسى بعد إعلان خبر الإقالة وكان يعتقد أننى «زعلان»، فشكرنى ووجه الشكر للقوات المسلحة، وقال كلاماً خطيراً جداً لن أفصح عنه. ■ ومن الذى اختار قائد الحرس الجمهورى، بعدك؟ – قائد الحرس الجمهورى الذى تم اختياره هو من أكفأ الضباط، وكان قائداً للمظلات. ■ لو كنت موجوداً فى ثورة 30 يونيو، هل كنت ستتخلى عن مرسى؟ – كنت سأفعل مثلما فعل قائد الحرس الجمهورى بعدى، وأنحاز للشعب، تماماً كما فعلت فى 25 يناير، فالقوات المسلحة تنحاز للشعب دائماً. ■ كيف تتابع الأحداث الحالية فى اليمن؟ – عاصرت حرب اليمن، وبسبب حرب اليمن هُزمنا فى 67، فأنا لست ضد مشاركة مصر فى حرب اليمن، ولكن علينا الاستفادة من خوض مصر الحرب هناك سابقاً ومن الأخطاء التى وقعنا فيها، فالدخول براً إلى اليمن سيسبب خسائر كبيرة جداً، وهو أمر يحتاج سرعة الحسم، لأنه كلما طال سيكون له تداعيات أخرى، ويجب إنهاء «الموضوع» بأقصى سرعة فى اليمن، بإعادة هيكلة الجيش اليمنى، وإعادة الشرعية، تأمين الحدود السعودية، كما أن تسليح المقاومة الشعبية أمر هام جداً، لأنك لو أرسلت قوات برية، يجب أن يكون لك أتباع وأنصار بالداخل، وأرى أنه من الضرورى كذلك تأمين الحدود السعودية، وباب المندب، ونحتاج لمحاصرة الحوثيين، لأن الوقت ليس فى صالح أحد، من جهة أخرى يجب أن يكون القصف بعيداً عن الأهداف المدنية. ■ كيف تابعت فعاليات المؤتمر الاقتصادى الذى عُقد فى شرم الشيخ مارس الماضى؟ – ميزة المؤتمر الاقتصادى، أنه صناعة مصرية عربية خليجية إسلامية، محورها مصر، وهو فى حد ذاته إنجاز، لم يحدث فى أى مكان بالعالم، وهو لم يُعجب البعض ليس لشىء سوى أنه أقيم فى مصر، ومحصلته كانت أكبر كثيراً مما يمكن الحصول عليه من صندوق النقد الدولى، حيث حصلنا منه على 12 ملياراً فى دقائق، وليس 4 مليارات مشروطة من صندوق النقد، وبشكل عام المؤتمر الاقتصادى حقق نجاحاً كبيراً للغاية، وأثبت أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، يمتلك رؤية داخلية وخارجية ثاقبة وشاملة. ■ ماذا تقول للشباب حالياً فى مصر بعد ثورتين؟ – أقول لهم اجهزوا، لازم تعمروا مصر فى المرحلة المقبلة، لأنكم الأمل، ونحن لا نكره الخير للوطن ولكن يجب أن نخطط بشكل صحيح للبلاد، خصوصاً أن هناك جهات خارجية، تحاول تعطيل مسيرة الدولة من خلال تصعيد ودعم الإرهاب، وزيادة وتيرة وتسارع الأحداث والمشاكل فى محيط مصر، مثل دعم الحوثيين فى اليمن فى هذا التوقيت لتهديد «باب المندب» مثلاً، ويجب أن تكون لمصر علاقات قوية مع كافة الدول، وتتقارب مع المحيط العربى والأفريقى، وتعود إلى مكانتها وريادتها مجدداً. ■ ماذا عن خوضك الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ – رؤيتى للانتخابات، أننا فى أشد الحاجة لبناء برلمان قوى، لأن هناك قرارات مطلوبة من مجلس النواب أن يصدق عليها فى الفترة المقبلة لبناء مؤسسات الدولة ومواصلة التنمية، كما أن الشعب له مطالب وتطلعات يجب أن يكون «النواب» على قدر المسئولية، وأنا بالفعل أفكر فى الترشح للبرلمان، وأرى أن قائمة «صحوة مصر» تملك طريقة مختلفة فى التفكير، وغالبية المرشحين عليها شباب، لكننى سأنتظر لأرى ما سيحدث فى المرحلة المقبلة، بعد أن يجرى إقرار قانون الانتخابات البرلمانية، وفتح باب الترشح. ■ هل ستكتب مذكراتك؟ – كتبت الكثير من المقالات، وكنت أود كتابة مذكراتى، لكن فى المستقبل، لأن هناك أحداثاً لا يمكن مناقشتها الآن فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد.
موقع رائع للمشاهدة